الزوّار

HSN Discount Codes

2010/12/26

شيكاجو

".. يقاتل الجندي أعداءه بضراوة, يتمنى لو يفنيهم جميعا .. لكنه إذا قُدّر له, مرة واحدة, أن يعبر إلى الجانب الآخر ويتجول بين صفوفهم, سيجدهم بشرا طبيعيين مثله, سيرى أحدهم يكتب خطابا لزوجته, وآخر يتأمل صور أطفاله, وثالثا يحلق ذقنه ويدندن ..كيف يفكر الجندي حينئذ؟ ربما يعتقد أنه كان مخدوعاعندما حارب هؤلاء الناس الطيبين وعليه أن يغير موقفه منهم .. أو .. ربما يفكر أن مايراه مجرد مظهر خادع, وأن هؤلاء الوادعين ماإن يتخذوا مواقعهم ويشهروا أسلحتهم حتى يتحولوا إلى مجرمين, يقتلون أهله ويسعون إلى إذلال بلده ..
ماأشبهني بذلك الجندي .. أنا الآن في أمريكا التي طالما هاجمتها وهتفت بسقوطها وأحرقت علمها في المظاهرات .. أمريكا المسئولة عن إفقار وشقاء ملايين البشر في العالم .. أمريكا التي ساندت إسرائيل وسلّحتها ومكّنتها من قتل الفلسطينيين وانتزاع أرضهم .. أمريكا التي دعمت كل الحكّام الفاسدين المستبدين في العالم العربي من أجل مصالحها .. أمريكا الشريرة هذه أراها الآن من الداخل فتنتابني حيرة ذلك الجندي, ويلح عليّ السؤال: هؤلاء الأمريكيون الطيبون الذين يتعاملون مع الغرباء بلطف, الذين يبتسمون في وجهك ويحيونك بمجرد أن تلقاهم, الذين يساعدونك ويفسحون لك الطريق أمام الأبواب ويشكرونك بحرارة لأقل سبب, هل يدركون مدى بشاعة الجرائم التي تقترفها حكوماتهم في حق الإنسانية؟"


يا الله! هل هؤلاء بشر مثلنا؟ هل كانوا يوما ما أطفالا أبرياء؟ كيف ينحصر عمل إنسان ما في ضرب الناس وتعذيبهم؟ كيف يستطيع من يعذب إنسانا أن يأكل وينام ويداعب أطفاله؟!


ربما تجد صعوبة في فهم ذلك لأنك مازلت شابا .. عندما يعشق رجل امرأة ويتعلق بها بشدة ثم يكتشف أنها تخونه, هل تفهم هذا النوع من العذاب؟ .. أن تلعن المرأة وفي نفس الوقت تحبها ولا تستطيع أبدا أن تنساها! هكذا أحس نحو مصر .. أحبها وأتمنى أن أقدم كل مالديّ من أجلها .. لكنها ترفضني!


إن عداءنا نحن العرب يجب أن ينصب على الحركة الصهيونية وليس الديانة اليهودية .. لا يمكن أن نعادي أتباع ديانة معينة .. هذا السلوك الفاشي غريب عن تسامح الإسلام, كما أنه يعطي الآخرين الحق في معاملتنا بنفس العنصرية..


من رواية شيكاجو لعلاء الأسواني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق